وجهات نظر

"فيينا".. امتحان للنوايا

عماد سالم


 

تخت عنوان "فيينا-امتحان للنوايا" كتب الكاتب عماد سالم مقالاً في صحيفة البعث جاء فيه:

غداً، تُعقد جولة جديدة في فيينا للبحث في إيجاد تسوية للأزمة السورية، بحضور دول تمثّل محور المدافعين عن وحدة سورية وحرية شعبها في تقرير مصيره بنفسه، ومحور الساعين إلى النفخ في نار الأزمة وإطالة أمدها إلى أجل غير مسمى، وتندرج مشاركتهم في سياق تحقيق مكاسب سياسية عجزوا عن تحقيقها في الميدان.

 

ولأن ما ستفرزه وقائع الميدان ستكون الفيصل وستعبّد الطريق للحل السياسي، فإن الفائدة الوحيدة من الاجتماع ستكشف مدى التبدّل في مواقف الدول الداعمة للإرهاب، وخاصة الأوروبية منها، بعد أن حزم المئات ممن سهّلوا عبورهم إلى سورية أمرهم بالعودة إلى بلاد “الكُفر”، كما يحلو للمتطرفين تسميتها، لاستكمال مشروعهم الذي باتت لديهم الخبرة في تنفيذه، عبر تقطيع الرؤوس وهتك الأعراض وإتقان فنون التشريد والتدمير، وهذا ما تدركه الحكومات الغربية، ولكنها لا تزال غاضة الطرف عنه في إطار انقيادها الأعمى للإدارة الأمريكية.

 

وهنا لابد من البحث عن المستفيد الحقيقي من استمرار الأزمة في سورية، والذين يمكن إيجازهم بدول لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، ولكل منهم أسبابه وأهدافه، ويأتي في مقدمتهم أمريكا وحليفتها “إسرائيل”، فالأولى تحاول إدامة الأزمات في أكثر من مكان في العالم لاستمرار هيمنتها على القرار العالمي ، وتوقيع صفقات سلاح مع دول البترودولار لسنوات قادمة مقابل سكوتها عن انتهاكات تلك الدول لأبسط حقوق الإنسان بحق شعوبها من جهة، ورعايتها للإرهاب العالمي من جهة ثانية، في حين لا تخفي “إسرائيل” نواياها العدوانية للاستفادة مما يجري، وهذا ما تمّ تداوله مؤخراً خلال اجتماع الرئيس الأمريكي بنتنياهو، عندما شكّك الأخير بشأن “إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي في سورية، وإعادة توحيدها تحت أي نظام،ما لم تضمن مصلحة الكيان الصهيوني”، وهذا يفسّر الدعم الذي يقدّمه هذا الكيان للتنظيمات التكفيرية، وخاصة في الجنوب، لإبقائها في قبضته وتنفيذ مخططاته الاستعمارية.

 

بدورها تسعى حكومة حزب العدالة والتنمية التركية إلى الإبقاء على حال الفوضى في المنطقة للهروب من أزماتها الداخلية، والتعويل على عامل الوقت على أمل أن تحقق فصائلها الإرهابية التي تقاتل في سورية إنجازاً في الميدان يضمن لها موطئ قدم في التسويات الكبرى، وفي الفلك ذاته يدور نظام آل سعود، خاصة في ضوء تزايد المطالبات الدولية لهم بوقف انتهاكات حقوق الإنسان، الذي وصفته منظمة العفو الدولية بـ “السجل المخيف”، وفي ظل الانتهاكات التي يرتكبها هذا النظام في إطار عدوانه على اليمن.

 

مما تقدّم يتضح بأن الوقائع التي ستفرزها المواجهات بين الجيش العربي السوري، بالتعاون مع الأصدقاء في روسيا ومحور المقاومة في حربهم على الإرهاب التكفيري، الذي يرعاه المحور الاستعماري الغربي والرجعي العربي، سترسم معالم الحل لأزمات المنطقة، وليس سورية وحدها، وشكل العالم الجديد.

 

ولأن دلائل الميدان تبشّر بقرب موعد اندحار التكفيريين بعد الإنجازات النوعية التي يحققها أبطال الجيش العربي السوري على مختلف الجبهات، فإن اللعب على عامل الزمن يسير في مصلحة سورية، وعلى الغرب أن يعي خطورة عودة التكفيريين إلى بلادهم، وهذا يحتّم عليهم مراجعة مواقفهم من مجمل ما يجري في سورية والمنطقة، والعودة للغة العقل.

 

ولذلك يُعدّ اجتماع فيينا امتحاناً للنوايا، وفرصة لكل من راهن على حصان الإرهاب للاقتناع بأنه خسر الرهان، وغير ذلك فإن “كل من يغذّون النار السورية بحطب الفتنة سيحترقون بها وسيرون قريباً أنهم ماضون في طريق خاطئ”، كما قال “سلطان الدواعش” أردوغان؟!، ولا ندري إن كان كلامه نابعاً عن قناعة أم تهرّب من المسؤولية.. بالمجمل إن كان هذا الرأي للتسويق الإعلامي فإن النار التي تحدّث عنها ستكويه أولاً، كمقدّمة لوصول نفس النار إلى مناطق بعيدة.

البعث

الاعلام تايم

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=28146