تحقيقات وتقارير

"بلفور".. وعد من لا يملك لمن لا يستحق


يعدُّ وعد بلفور الدعامة الأولى للكيان الصهيوني الغاصب ما يسمى" إسرائيل"،  ففي مثل هذا اليوم 2 تشرين الثاني من العام 1917 أصدر آرثر جيمس بلفور، وزير خارجية بريطانيا تصريح  "بلفور"، الذي تُرجم إلى وعد ثم إلى دولة استيطانية.

 

هذا اليوم هو الأهم في تاريخ تـأسيس "إسرائيل" والمنطقة العربية، لأنه تحوّل بعد سنوات خمس من صدوره إلى "قانون دولي" بموجب صك الانتداب على فلسطين صيف 1922، ليصبح تنفيذ الوعد ملزماً للمجتمع الدولي، وما أضمره الصك من إلزام، أعلنه الواقع المستمر منذئذ..

 

يقضي الوعد بمنح اليهود وطناً قومياً في فلسطين، وفي حينها شهدت فلسطين موجات من الهجرة، وصفت بريطانيا بعضها بالشرعي والبعض الآخر بغير الشرعي، وانتهت بإحلال المهاجرين مكان الشعب الفلسطيني الذي طُرد من أرضه.

 

العلاقة المستجدة بين الشمال الأوروبي بمطامعه الاستعمارية، والتراجع الحضاري في مناطق الجنوب، لم تكن سوى علاقة استخدام كل منجزات التقدم الغربي، لإنجاز سيطرة بشعة للشمال على الجنوب، فأفرزت تلك الحالات السياسية الغريبة، المتمثلة بوثيقة "وعد بلفور"، التي تشكل أسوأ نموذج تاريخي على المستوى الأخلاقي المنحط في ممارسات دول الاستعمار الغربي لتسلطها على مناطق الجنوب والشرق، ومنها الوطن العربي.

 

ممارسات السياسة الدولية التي تحولت فيها منظمات الأمم المتحدة من راعٍ لمحاولات الحفاظ على قدرٍ من الأخلاق في السياسات الدولية، إلى مسوّغٍ لأشكالٍ متعددة من السقوط الأخلاقي المتلازم مع كل تقدم تنجزه دول الشمال أو بعضها.

 

كان وعد بلفور من أخطر الوثائق السياسية الاستعمارية, لأن بريطانيا تصرفت بحق الشعب الفلسطيني في وطنه، وقدمت الأرض للحركة الصهيونية دون حق قانوني أو تاريخي أو إنساني.

 

فأرض فلسطين العربية كانت منذ الكنعانيين عامرة بالسكان والحضارة وباللغة عربية، وكان زعماء الحركة الصهيونية الأغنياء ينتهزون الفرص لتوطيد علاقتهم مع بريطانيا لإقامة دولة يهودية في فلسطين، مقابل الدعم اليهودي النشط لمصلحة بريطانيا في المستقبل والفوائد التي تعود عليهم إذا ما أقيم كيان قومي لليهود في فلسطين.

 

بريطانيا كانت ولا زالت الملومة على سياستها الاستعمارية، والتي كانت فعلاً الخطوة الأولى للاستعمار الصهوني الذي يعيشه الفلسطينيون تحت احتلال "إسرائيل" المتمادية في تهويد فلسطين لتحوله إلى دولة"  قومية يهودية" لها أحلام لحدود أوسع من فلسطين التي ادعت أنها كانت أرضاً جرداء من غير شعب، ومنذ ذلك التاريخ و"إسرائيل" التي لا تتوقف عن ممارساتها ضد الفلسطينيين كل يوم .

 

الهدف من الوعد ليس هدفاً خيرياً ولكنه هدف سياسي (استعماري) فهو "وعد من لا يملك لمن لا يستحق، كما أن هذه الحكومة التي أصدرت الوعد لم تكتف بالأمنيات وإنما بذلت ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف، وهذا هو الجوهر الواضح للوعد.

 

خاص - الإعلام تايم  

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=27747