تحقيقات وتقارير

وداعاً للأحادية القطبية


سنوات، وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ظلت روسيا بعيدة عن لعب دور دولي بارز يجاري الأدوار أو الاستراتيجيات الأميركية في العالم، الأمر الذي جعل واشنطن تسيطر على رقعة الشطرنج العالمية لسنوات.

حيث هيمن القطب الأميركي الواحد لعقود على القرارات الدولية الهامة في مجلس الأمن، مستغلاً في ذلك انشغال روسيا بإعادة ترتيب بيتها الداخلي، وبناء مقدراتها الاقتصادية.
وفي خضم ذاك المشهد كان لموسكو مواقف ثابتة في سياستها الخارجية خاصة إزاء حلفائها مثل إيران والصين ومجموعة دول بركس، إلى أن بدأت الأزمة في سورية، واتضحت معالم الحرب ضدها، فكان للموقف الروسي الدور البارز والفاعل في المشهد السوري، مشهد تجلى بالوقوف بحسم إلى جانب الحكومة السورية وحقوق الشعب السوري في تقرير مصيره، كما كان لمواقفها في مجلس الأمن واستخدام "الفيتو" المشترك مع الصين الدور الأكبر في إفشال المخططات الاستعمارية الغربية، وإضفاء الشرعية الأمريكية على الحرب العالمية ضد سورية تحت غطاء حراك شعبي.

و خلال الأزمة في سورية تدخلت روسيا عبر جهودها الدبلوماسية ودعواتها للحل السياسي عن طريق الحوار السوري – السوري، فكان لقاء موسكو واحد واثنان، كما أيدت مؤتمرات جنيف واحد واثنان فكان الحراك الروسي السياسي لافتاً، حيث باتت موسكو مقصداً للعديد من الوفود السياسية العالمية.

أكثر من أربع سنوات عمر الأزمة السورية وروسيا تسعى جاهدة بالتنسيق مع الحكومة السورية للتوصل إلى حل سياسي .. ومع ازدياد التآمر العالمي والدعم الغربي والإقليمي والعربي على سورية، انتهجت روسيا استراتيجية جديدة، أساسها القضاء على "الإرهاب" كأولوية، وذلك لشعورها بأن الخطر "الإرهابي" يدق أبوابها ويقترب منها، فكان القرار بزيادة الدعم العسكري لسورية لمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي وأمثاله.

كان القرار الروسي بذلك صادماً للأمريكان، ورسالة تلقفها الساسة الأميركيون وهم المنهكون والغارقون في مستنقع ، فشل ما يسمى التحالف الدولي لضرب "داعش"، بالإضافة للفشل في بسط نفوذها على القرار السوري وإنهاء الحكومة السورية .. كل ذلك دفع بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى إعلان التعاون مع روسيا، والتراجع عن مطلب إسقاط القيادة والحكومة السورية، ليكون ذاك التصريح بمثابة انعطافة في السياسة الأمريكية إزاء سورية، والزلزال الذي هز أركان الحلفاء من دول استعمارية وأعراب ومجموعات مسلحة.

وفي تصريح خاص لموقع بتوقيت دمشق، قال المحلل السياسي طالب ابراهيم: "من الواضح نتيجة للتقلبات الدولية والإقليمية منذ عام 2010 أن الخارطة الجيوسياسية للعالم قد تغيرت وخصوصاً سورية، عندما ظهرت الصين وروسيا كقطب مناهض للهيمنة العالمية، حيث استخدم الفيتو 4 مرات لإسقاط المشاريع الإمبريالية في سورية، مضيفاً: "نستطيع القول أنه لم يعد هناك أحادية قطبية بل الآن هناك عالم متعدد الأقطاب يوجد فيه قوى عظمى موازية لأمريكا بل تكاد تتفوق عليها بقوة القرار والإرادة وثبات الهدف".

وفي جديد الأحداث ثمة متغيرات دراماتيكية من الموقف الأميركي إلى آخر ما يصرح به مسؤولون أوروبيون، كان آخرها تصريح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، تغيرات تؤكد عودة الدب الروسي إلى دوره الفاعل، الذي أسقط الأحادية القطبية في القرار العالمي، بل أكثر من ذلك فقد حُشر الأميركي في زاوية ضيقة، وكشف فشل الاستراتيجية الأميركية في التعاطي مع المشاكل العالمية.

معطيات كثيرة تشي بها قادمات الأيام .. سوف تترجم دون شك في أرض الميدان، ليعلن بذلك عهد سوري جديد، عهد يشكل بداية حل الأزمة واندحار الإرهاب.
مرام جعفر_مركز الاعلام الالكتروني

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=26392