نافذة على الصحافة

هذا ماتريده واشنطن و تل أبيب في السنوات المقبلة


إذا كان الإسرائيليون في تحليلاتهم ودراساتهم السياسية ووسائل الاعلام يتحدثون عن تخفيض الاهتمام الأمريكي العسكري والنفطي في المنطقة فإن الافتراض بصحة هذه التوقعات لا يتوجب  بالضرورة أن يعني أن واشنطن ستخفض الدور الوظيفي لإسرائيل رغم الضعف الذي أصاب هذا الدور في العقد الماضي والعجز عن تحقيق أهدافه المطلوبة أميركياً واسرائيلياً وخصوصاً تجاه أهم هدف وهو سورية وإيران وحلفاؤهما منذ اغتيال الحريري وعدوان عام 2006 على حزب الله في لبنان.

ولذلك ثمة من يتوقع أن تحاول اسرائيل تجديد دورها الوظيفي بطريقة أخرى تختلف عن فترة ماقبل انتشار قوات الاحتلال الأميركية في العراق وأفغانستان وفترة ما قبل هزيمة العدوان الإسرائيلي في تموز 2006

وكان الهدف من جولة يوفال شتاينيتس وزير المخابرات الإسرائيلية وهو أيضا وزير الشؤون الإستراتيجية خلال الأسبوع الماضي في واشنطن بصحبة وفد من مسؤولين في جهاز الموساد وفي قيادة الجيش الإسرائيلي وإجتماعه بنظرائه الأميركيين هو التباحث في تطورات ومستقبل المرحلة المقبلة في أعقاب التراجع الأمريكي عن شن الحرب على سورية والاتفاق الأميركي مع طهران، وهذا ما قد يعني بلغة أوضح تحديد التوجهات الأمريكية - الإسرائيلية المشتركة  لهذا الدور والاتفاق على اتجاهات وظيفته ومهماته .

وقد تتعلق هذه المهمات بموجب ما تريده واشنطن وتل أبيب في السنوات المقبلة بما يلي :

1-    استغلال الوضع الداخلي السوري في تطوراته الراهنة  لخلق نفوذ اسرائيلي مباشر أو غير مباشر داخل مجموعات سورية  سياسية أو مسلحة  والاعتماد عليها  في مستقبل الحراك الداخلي السوري  لتحقيق أهداف معادية لسورية  في الداخل وفي  تحالفاتها الإقليمية. 

2-    استغلال مظاهر استمرار العداء السعودي والخليجي  قبل انعقاد جنيف 2 أو بعده  ضد سورية وتوظيفه في زيادة التقارب السري والعلني  مع اسرائيل  والعمل أو التنسيق المشترك  ضد سورية بغطاء  وتشجيع  أميركي  تستخدم له واشنطن علاقاتها الخاصة مع بعض الدول العربية لتنفيذ هذه المهمة

3-    إطلاق يد اسرائيل في محاولة  تحقيق اختراق  استخباراتي  تخريبي للساحة الإيرانية  يخدم أهداف واشنطن وتل أبيب خلال مرحلة الأشهر الستة  المقبلة  لاتفاق الدول الست مع طهران في ، فهذا  ما أشارت إليه مصادر اسرائيلية  منذ التوقيع على الاتفاق  حين أعلنت أن اسرائيل ستثبت للدول الست أن  ايران تخدعها  ولن تتوقف عن صناعة القنبلة النووية  وعن تجاوز الاتفاق مع هذه الدول .

4-    يبدو أيضاً أن اسرائيل أقنعت واشنطن بتأجيل الإسراع في التوصل إلى  أي اتفاق مع السلطة الفلسطينية  إلى ما بعد رؤية نتائج اتفاق جنيف مع طهران رغم أن واشنطن كانت تفضل الاعلان عن اتفاق  اسرائيلي فلسطيني مرحلي ترى فيه وسيلة لإبعاد طهران عن "استغلال " الموضوع الفلسطيني في صراعها ضد أميركا واسرائيل، وهذا العامل  ستحاول اسرائيل الآن توظيفه لخدمة أهدافها على المستوى الفلسطيني وبطريقتها المعهودة الاستيطانية ولصالح انضاج توظيفها للدور الأردني في الموضوع الفلسطيني بموافقة ودعم أميركي  يضيق احتمال السير العملي نحو مشروع الدولة الفلسطينية 

ومع ذلك من الطبيعي والبديهي أن يصطدم هذا الدور الوظيفي الإسرائيلي في هذه الظروف الجديدة وما يمكن أن تحمله من تطورات بنفس القوى التاريخية التي تصدت لإسرائيل بعد اتفاق كامب ديفيد عام 1979 وبعد اتفاق اوسلو ووادي عربة عام 1993-1994 فهذه القوى هي الهدف الذي تصوب نحوه اسرائيل دورها وأسلحتها العلنية والسرية وتوظف ضدها كل علاقاتها وارتباطاتها بهدف استكمال مشروعها  في تمزيق دول المنطقة وترسيخ نفسها كقوة إقليمية كبرى للهيمنة على المنطقة .

لكن قوى وأطراف الممانعة والمقاومة  تجد نفسها في هذه الجولة المقبلة لمواجهة الدور الإسرائيلي بطبعته الجديدة  أكثر قدرة على التحدي وعلى التصدي لهذا الدور بفضل انتصارها على أكبر عدوان تتعرض له في تاريخ الصراع في المنطقة .  فالمهزومون في هذا العدوان سيتعرضون لمضاعفات كثيرة  من المتوقع أن تحمل معها عوامل ايجابية لصالح المتصدين لإسرائيل ودورها  في المنطقة .

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=2341