تحقيقات وتقارير

بـ"ميثاق الشرف الديني".. الاوقاف تواجه الشائعات ومروّجيها في سورية


"إذا كان الذهب هو القوة الاولى فإن الصحافة هي القوة الثانية، ولكن الثانية لا تعمل بدون الاولى .. علينا بواسطة الذهب أن نستولي ونخضع الاعلام والصحافة والدعاية والافواه.. عندها نستطيع تحطيم حياة الخصم وأخلاقه وعائلته ودينه وفضائله .. علينا تعكير صفو العلاقات بين الشعوب بلا انقطاع، وإثارة القلاقل والصراعات بينها وبين حكوماتها، وهذا لايتم الا من خلال الدعاية والاعلام"، بهذه الكلمات بدأ ماكس نوادرو الساعد الايمن لمؤسس الصهيونية تيودور هرتزل، مؤتمر الصهيونية الثاني  في سويسرا 1898

 

من هنا نجد أن "الاعلام المعادي" بدأ باستخدام الشائعات التي تعتبر من أكثر الوسائل فاعلية في ميدان الحرب النفسية، ولما لها من دور نشط في الكوارث والحروب، حيث المناخ المناسب لسرعة انتشارها، وكما اعتمدها كسلاح في حرب تشرين من خلال بث شائعات كـ"وجود عملاء وجواسيس في صفوف القوات العربية، وأخبار الهروب الجماعي، وإشاعات عن ظروف اقتصادية صعبة للدول التي تهاجم العدو"، تظهر في هذه الايام جلية، من خلال إعداد حملة إعلامية، تتوافق والمواجهات مع المجموعات الإرهابية المسلحة في عدد من المناطق السورية، تتولى الترويج لها بعض المحطات الفضائية المعادية التي عرفت أيضا بدورها في المراحل الماضية منذ بدء الحرب على سورية، بالتنسيق مع صحف ومجلات غربية ومواقع إلكترونية وصفحات على الـ "فيسبوك"، وتغريدات على الـ "تويتر" ببث أخبار كاذبة، وإشاعات متنوعة أمنية وعسكرية واقتصادية وسياسية ضمن حملة تستهدف الشعب والجيش السوري في آن معاً.

 

ولان وسائل "الاعلام المعادية لسورية" اتبعت طريقة غوبلز في الدعاية، على أساس قاعدة "اكذب واكذب واكذب حتى يصدقوك"، كان لابد من فضح الدور الذي تؤديه هذه الوسائل عبر إطلاق شائعات وفبركات تضليلية للرأي العام المحلي والعربي والعالمي، هادفة من وراء تحقيق ما تسعى له الصهيونية وأدواتها في الولايات المتحدة والغرب، والتي عملت لأجل ذلك على حياكة آلاف المؤامرات لتدمير سورية باعتبارها مرتكز المحور المقاوم الذي يواجه سياسة الاحتلال الصهيوني.

 

وكما استراتيجية الاعلام الصهيوني التي انطلقت من أن للاعلام دور في احتلال العقول، وهدم البنى الفكرية والجماعات الانسانية المختلفة، ومحاولة تحطيم قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، وإشغالهم بأمور ثانوية تلهيهم عن الهدف الاساسي، معتمداً في تحقيق ذلك على أساليب التزوير والتضليل والاستعطاف والابتزاز والتهديد والمراوغة والتشنيع بالخصم والاثارة، انطلقت استراتيجية الاعلام الجديد المتآمر الذي شوّه الحقائق في سورية ومازال.

 

وانطلاقاً من أن الذي بدأ يروج للشائعات اتخذ من الدين ستاراً، وتجاوز ذلك الى استخدامه أساساً في شائعاته من خلال إطلاق الفتاوى والاحكام والتأثير في النفوس، كان لابد من توضيح موقف الشرع من الشائعات والحرب النفسية.

وزير الاوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد في إحدى خطبه قال إن "الاسلام  وضع حلاً لكل المشكلات البشرية، ومن ضمن ما عالجه كثرة الشائعات التي تدمر الانسان كما البنيان، ووضع أسس سليمة لا يستطيع أحد على وجه الارض أن يأتي بمثلها، فلو أرادت الامم المتحدة أو أي مؤسسة تشريعية في العالم أن تضع قانوناً لمكافحة الشائعات التي تزرع البغضاء والطائفية في المجتمع ما استطاعت".

 

واستشهد السيد بقول الله تعالى "ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم"، معتبراً أن هذه الاية هي القاعدة الاساسية للوقوف في وجه من أراد أن يكون الاسلام أداة بيده لتدمير الشعوب من خلال شائعات لا تمت الى الشرع بأي صلة.

 

وطرح الوزير السيد عدداً من الاسئلة لابد لكل من تصله الاخبار من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت سبباً في انتشار الشائعات بشكل سريع وتاثير أكبر، أن يسأل نفسه من يمسك زمام الامر في هذه الوسائل.. وأين يوجد المخدم الرئيسي لهذم المواقع؟.. أليست إشاعة "الربيع العربي" كانت سبباً في تدمير الشعوب العربية من ليبيا الى مصر والعراق واليمن فسورية، وإعادتها 100 عام للوراء؟

وأشار الوزير السيد في أحد تصريحاته بعد إطلاق "ميثاق الشرف الديني" الى أن هذا الميثاق سيكون له دور كبير في دحض ومكافحة الشائعات، ومكملاً للدور الذي بدأه برنامج "فقه الازمة" و"فضيلة" اللذان جاءا بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد.

 

السكوت عن الشائعة ومحاولة تكذيبها سيان ويزيد من انتشارها، ولكن هل نبقى صامتين في موقع المتفرج على انتشارها.

محللون نفسيون يقولون أنه "لابد من القيام بعمل مضاد، ومنع حالات الالتباس والغموض، من خلال توافر وسائل الاتصال التي ترصد الاعلام المعادي وفضحه قبل مباشرته بالترويج لأخباره الكاذبة"، وهذا ما فعله الاعلام السوري خلال سنوات الحرب الكونية على سورية، فعشرات لا بل آلاف الشائعات والاخبار الكاذبة فضحها قبل أن تروج لها غرف سرية انتشرت في دول جعلت همها الاول كسر قوة وإرادة الشعب والجيش السوري، فبادرت لمعالجة المواضيع والمسائل وتقديم الاخبار والمعلومات الصحيحية بدقة وكشف ملابساتها أمام الراي العام، كذلك تم استخدام الاعلانات الرسمية والمنشورات لدحضها، كما اتبعت الوسيلة الانجع، بحسب علماء النفس حيث تناولت الشائعات بروح من النكتة والاستهزاء.

 

لقد تجاوز الاعلام توصيف الاحداث ورصد تحولاتها، وأصبح عنصراً أساسيا في صناعتها، والاعلام بوصفه أحد أسلحة العصر الحديث البالغة التأثير، فلم يعد يؤثر في السياسات الدولية فحسب، بل أصبح يتدخل مباشرة في علاقات الافراد بعضهم ببعض، ويعمل على صياغة آراء الناس وإعادة هذه الصياغة عندما تقتضي الظروف والاستراتيجيات الاعلامية، واعتماداً على نظرية الصورة التي أصبحت اليوم أكثر خطورة وتأثيراً في الرأي العام فقد استطاعت تحطيم الحاجز اللغوي  لأن الرأي العام لا يحكم إلا على ما يرى.

 

وبحسب القاموس الحربي الأميركي  كانت الشائعة "مجموعة الاراء الدعائية المرسومة للتاثير على آراء ومشاعر وسلوك وموقف المجموعات الاجنبية المعادية والحيادية والصديقة في إطار السياسة والاهداف الوطنية"، وفي عام 1950 أجرى القاموس تغييراً حيث أصبحت الشائعة هي "قيام بلد أو جماعة من الدول بدعاية أو إشاعات ضد مناطق معادية أو محايدة بهدف التأثير على وجهات نظرها وآرائها ومواقفها على نحو يدعم أهداف أميركا"، فيما أضاف التعريف الحديث "دعم أمن الصهيونية إضافة للأمن القومي الأميركي".

 

وبعد هذا كله، ألا يتضح أن الشائعات التي تطلق باتجاه سورية تجد أهدافها في التعريفات الأميركية والصهيونية، التي لا تترك سبيلاً الا وتسلكه لتدمير الحضارة والدور السوري المؤثر في الانسانية؟

 

طارق ابراهيم_ مركز الاعلام الالكتروني

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=22715