تحقيقات وتقارير

الفيسبوك تواصل أم تنافر اجتماعي


شهد العالم في السنوات الأخيرة نوعاً جديداً من التواصل الاجتماعي بين البشر في فضاء إلكتروني افتراضي, قرّب المسافات بين الشعوب، وألغى الحدود وزاوج بين الثقافات, وسمي(شبكات التواصل الاجتماعي)

ولعبت الأحداث السياسية والاجتماعية  في العالم دوراً بارزاً في التعريف بهذه الشبكات, وبالمقابل كان الفضل لها أيضاً في إيصال الأخبار السريعة ومقاطع الفيديو عن تلك الأحداث, يضاف إلى ذلك المشاركة الفعالة التي غالباً ما تكون في التعليقات و المحادثات والدردشات، الأمر الذي ساعد في شهرة وانتشار هذه الشبكات والتي يعتبر أهمها "الفيسبوك" الذي استأثر بقبول وتجاوب كبير من الناس خصوصاً من الشباب في جميع أنحاء العالم.

 كيف تحول الفيسبوك إلى وسيلة اعلامية

يرى البعض أن الفيسبوك غدا الركيزة الأساسية للإعلام الجديد أو البديل,و لعب دور رئيسي في إشعال القضايا السياسية والاجتماعية، وكذلك في التأثير على الرأي العام في مختلف أنحاء العالم، حيث يتداول الشباب عبره أخبارهم ومناسباتهم، وتحديد أماكن تجمعهم.. وإرسال و تلقي كل ما هو جديد من الأخبار الكاذبة أو الصحيحة، المفجعة والمؤلمة..

الدكتور جميل ركاب مختص بالأمراض النفسية و العصبية، حدثنا قائلاً" لا يخفى على أحد أن الفيسبوك نافذة كبيرة ووسيلة إعلامية مؤثرة، نستطيع من خلاله الترويج للعديد من المفاهيم و المصطلحات، وبالتالي يمكن للفيسبوك أن يلعب دوراً كبيراً في خلق ثقافة أحادية، يمكن لها أن تنال من التنوع الحضاري والثقافي للشعوب، خاصة عندما يترافق وجود وسائل التواصل هذه مع كل هذا التطرف في العالم و منظمات مثل "داعش"، مضيفاً  "يجب أن نعلم أن الفيسبوك وغيره من وسائل التواصل أصبحت جزء من أدوات المعركة في توحيد لون العالم بلون واحد".

"الفيسبوك" وفقد الثقة بالنفس

في استطلاع رأي الشباب حول  "الفيسبوك كوسيلة تفاعل اجتماعي" يعتبر لؤي طالب جامعي، أن تجاهل تعليقه على منشور ما بأنه إهانه لشخصه، فإذا قام بالتعليق على منشور لأحد الأصدقاء ولم يقم هذا الصديق بالرد على تعليقه أو حتى إبداء إعجابه بما كتب، يبدأ فوراً بتأنيب نفسه وبنعت ذاته بأنه "أحمق" فضلاً عن التفكير في حذف التعليق لوقف هذه الإهانة.

وتابع لؤي، "بغض النظر عن صحة شروط هذه الصداقة ومنطقيتها إلا أنها سهلة للغاية، فقط إبداء الإعجاب بمنشورات الآخرين، والتعليق على صورهم الأمر الذي يجعلهم يشعرون، بأن هناك شخصاً ما قد يصبح صديقاً حقيقياً فهو متابع جيد ومهتم"، متسائلاً "هل إبداء الإعجاب أو المشاركة بتعليق على منشورما لك يعني بالضرورة إهتمام حقيقي يترتب عليه صداقة حقيقية ؟"

بينما  تحدثت نور بلسان فتيات جيلها، عن المشاعر السلبية التي تنجم عن الإحتكاك الدائم بمن هم أكثر سعادة وأكثر نجاحاً، وأيضاً من لديهم علاقات أكثر،قائلة:" كل هذا يجعلك تشعر بالنقص ويدفعك إلى فقدان الثقة بالنفس تدريجياً، بالإضافة إلى رفض حياتك التي لا تشبه حياتهم فتصبح فريسة سهلة للإكتئاب".

الدكتور ركاب أوضح، أن  "الفيسبوك ورغم أنه إفتراضي إلا أنه واقعي إلى حد كبير، بحكم التقنيات المستخدمة والصور والفيديوهات والمناقشات الحاصلة واﻹعجابات والمشاركات، التي يمكن أن تحصل للفيسبوكي، و بالتأكيد لها تأثيرها على ثقته بنفسه... بمعنى البوست الذي سيحصل على إعجابات أقل سيوحي لكاتبه بنقص أهمية الموضوع الذي يناقشه و العكس صحيح. . نعم اﻹعجاب والتعليق والمشاركة له دور كبير في تعزيز الثقة بالشخص اﻹفتراضي الذي نقدمه على الفيسبوك وليس بالشخص الحقيقي، ﻷنه في حالات قليلة فقط يتطابق اﻹثنان.

ويؤكد أحد الشباب، أن زر اللايك يطوي بداخله الكثير من المعاني... ربما البعيدة تماماً عن الإعجاب، فالإعجاب أحياناً لا يمثل تعاطفاً ولا اهتماماً حقيقياً، بل ردة فعل من الآخرين لا معنى لها فهم لا يتعاطفون مع ما أبدوا إعجابهم به حقاً الأمر أشبه بعادة حمقاء لا قيمة لها.

ربا تحدثت عن "اللايك" من وجهة نظر أخرى قائلة"أحياناً أرفع بوست أو حالة، ربما لا تعبر بالضرورة عن حالتي الشخصية، لكني أرفعها لمجرد معرفة مدى تفاعل الناس و اهتمامهم بالحالة المطروحة" علمياً ونفسياً يقول الدكتور ركاب" إن انعكاسات اشارة "لايك" على نفسية الفيسبوكي هي تماماً كاﻹعجاب اﻹجتماعي الحقيقي، يرفع مستوى الرضا لدى الفيسبوكي ويدعم ثقته بتوجهه. . وهنا فإن الإعجابات الذي يحصل عليها الفيسبوكي على كتاباته يعتبرها إعجابات لتوجهاته وبالتالي يصبح مع زيادة هذه اﻹعجابات أكثر تعصباً ﻹتجاهاته وأكثر تبني لها في بوستاته القادمة" . .
 

الفيسبوك مالئ الدنيا وشاغل الناس

لقد أصبح الفيسبوك جزء لا يتجزأ من اهتمامات الملايين من الناس على اختلاف أعمارهم واهتماماتهم, ولم يعد حكراً على مؤسسات إعلامية ،أو أشخاص مهتمين من الصحفيين وغيرهم, بل أصبح متاحاً لكل من يرغب بالحصول على صفحة خاصة به, ابتدءاً من كبار القادة والمسؤولين في العالم, إلى عامة الناس بمختلف فئاتهم.

وبالرغم من الانتقادات الشديدة التي تتعرض لها شبكة "الفيسبوك" على الدوام بسبب تأثيرها السلبي والمباشر على المجتمع الأسري, والمساهمة في انفراط عقده وانهياره,بحسب المختصين،  فإن هناك من يرى فيه وسيلة إعلامية مهمة للتنامي والالتحام بين المجتمعات, وتقريب المفاهيم والرؤى مع الآخر, والإطلاع والتعرف على ثقافات الشعوب المختلفة, إضافة لدوره المتميز كوسيلة اتصال في التفاعل الاجتماعي.

رنا موالدي _ مركز الاعلام الالكتروني

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=20361