تحقيقات وتقارير

المخدرات طريق الموت بنشوة مزيفة


تعد مشكلة المخدرات حالياً من أكبر المشكلات التي تعاني منها دول العالم وتسعى جاهدة لمحاربتها، لما لها من أضرار جسيمة على النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ولم تعد هذه المشكلة مقتصرة على نوع واحد من المخدرات أو على بلد معين أو طبقة محددة من المجتمع.

بداية استخدام المخدرات


حدثنا الدكتور متوج مصطفى عن بدء استعمال المخدرات منذ الحرب العالمية الثانية وقال "في تلك الفترة كان على الجنود أن يبقوا مستيقظين لفترة طويلة، وبكامل النشاط، وكانت الحكومات تسوق لها في الجيوش التي تقاتل، فانتشر بوقتها ال "انتيفيتامينات" ومن بينها حبوب "الكيبتاغون والبنزيدرين"، ولكن بعد أن انتهت الحرب أصبح هناك إشكالية كبيرة نفسية، منها الزوهان، فرط الحركة، ميول إجرامية وكلها بسبب المواد التي كانوا يستخدمونها، وهنا بدأت الحكومات تحد من الموضوع".

رغبة في التخلص من الألم


في بداية اللقاء كان الشاب خجلاً من نفسه، لكنه أخيرا رفع رأسه ليتحدث عن فترة مريرة كما وصفها لنا " مررت بفترة عصيبة غاب بها عقلي، دخلت عالم الهيروين فتحطمت حياتي ، وزاد مصروفي .. كنت أسرق النقود والذهب من البيت، ثم تطور بي الأمر فبت أتسلل في الليل إلى بيوت الجيران ، وأسرق أسطوانات الغاز لأبيعها وأحصل على الجرعة".
ويضيف الشاب " مشواري بدأ في ليلة كنت قد وصلت بها إلى مرحلة اليأس من الحياة، فخطوتي الأولى كانت حبّة من ذلك السم القاتل، أحد رفاقي ادعى أنها ستذهب بالألم فوراً".

أسباب التعاطي

 

تعددت الأسباب التي تجعل من المخدرات بالنسبة للبعض الملجأ الوحيد ومنها، بحسب الشائع، الجهل بأخطار استعمال المخدر، ضعف الوازع الديني، والتنشئة الاجتماعية غير السليمة، التفكك الأسري، الفقر والجهل والأمية ، الثراء الفاحش والتبذير دون حساب، انشغال الوالدين عن الأبناء وعدم وجود الرقابة والتوجيه،  مجالسة أو مصاحبة رفاق السوء.

العلامات التى تظهر على الشخص المدمن

 

تابع الشاب "بعد فترة شعرت أنني انتحر بطريقة بطيئة، حياتي للأسوء، مجتمعي بات يرفضني، أصبحت منبوذاً من الجميع، بدأت أعراض الإدمان تظهر، فقدت وزني، تركيزي ، أصابني الاكتئاب وأصبحت أشعر برغبة بالانعزال عن كل ما هو حولي".
وهنا يقول الدكتور مصطفى"عندما تصل المادة المخدرة لتركيز معين في الدم يصل المريض إلى المرحلة التي يسعى إليها فهو ينسى همومه ومشاكله وتجعله يشعر بالنشوة الوهمية، أو ما يسمى بالعامية " زهزهة " ولكن عندما تهبط هذه النسبة لمستوى معين تبدأ لدى المتعاطي " متلازمة السحب"، التي تختلف من شخص لآخر وحسب المادة التي تم تعاطيها فمثلاً يمكن أن تكون نوم لساعات طويلة، هياج، عصبية، تقلصات عضلية شديدة، فرط كلام،  نهم للأكل أو الانصراف للتعويض بمواد أخرى كالكحول والتدخين لكن هذه التعويضات لا تجدي نفعاً لأن الأعراض ستظهر عليه".
وأضاف الدكتور مصطفى مميزاً بين الاعتماد و الإدمان "للتنويه هناك شيء اسمه اعتماد وشيء اسمه إدمان، فالتدخين مثلاً لا نقول إنه إدمان على التدخين بل اعتماد على التدخين هنا يستطيع المدخن أن يتوقف عن التدخين بالإرادة يحتاج فقط للإرادة من دون علاج، أما الإدمان فهو يحتاج حكماً للعلاج".

مشاكل الإدمان الجسدية

 

يقول الشاب "حاولت أن أعرف ما هي آثار ومضاعفات إدمان المخدرات وكانت المفاجئة، مشاكل صحية بدنية وعقلية ويعتمد ذلك على نوع المخدرات المستخدمة، فقدان الوعي والغيبوبة والموت المفاجئ، وخاصة عند أخذ جرعات عالية أو الجمع بين أنواع المخدرات أو الكحول، بالإضافة إلى الإصابة بالأمراض المعدية مثل الإيدز، الانتحار ومشاكل اجتماعية ومالية وغيرها"، وهذا ما أكده لنا الدكتور مصطفى في حديثه عن التأثيرات الفيزيولوجية منها الضغط، السكري، مشاكل القلب، فقدان الوزن
وفقر دم نتيجة سوء تغذية وسواد تحت العين، ويضيف الدكتور مصطفى "أمّا تأثيرها على الجنين  فيقول " تأثيرها على الجنين فيكون في الأشهر الأولى على الأنبوب العصبي الذي يشمل المخ والمخيخ والبصلة والنخاع الشوكي والتأثير الكبير يكون على المحور العصبي عند الجنين فيولد عنده صغر الرأس أو غياب الدماغ تخلف عقلي، تأخر نطق، غياب أطراف وغيرها". هذا في حال كانت الأم هي التي تتعاطى، أما إن كان الأب هو المتعاطي فيمكن أن يولد الطفل عنده استعداد للتعاطي، وللبيئة المحيطة التي سيعيش فيها..الأثر الأكبر".

خطوة نحو الحياة


يقول الشاب المدمن سابقا "قررت التخلي وبدأت مشوار التعافي، عندما أتيت إلى المركز وقال لي الطبيب أنه علي أن أمر بمراحل حيث يجب أن أخضع الى علاج سريري مركز، مع تناول أدوية مضادة للإدمان، وتحت إشراف أطباء متخصصين ، بالإضافة للمعالجة النفسية".
وهذا ما أكده لنا الدكتور مصطفى فمن الممكن أن يكون هناك دافع شخصي للتخلص من الإدمان، فيخضع المدمن لدورات علاجية مختلفة والعلاج أغلبه وريدي وخصوصا بالفترة الأولى، ثم العلاج الفموي في المرحلة الثانية، لأن المادة تكون انطرحت من الجسم و يمكن الكشف عن ذلك من خلال التحاليل كما يمكن أن يستمر العلاج بعد أن ينظف الجسم من هذه المواد.

المجتمع لا ينسى الخطيئة ولكن

 

وعن دور المجتمع في مساعدة هؤلاء الذين قرروا العودة إلى الحياة يحدثنا الدكتور مصطفى "لا يمكن للمجتمع أن يرفضه طالما تعالج ويريد الاندماج بالحياة، لذا على المجتمع أن يتعاون لأن الرفض من الممكن أن يؤدي به إلى طريق العودة للإدمان وبشكل سلبي، فالواجب يقع على الأسرة بخلق أجواء جديدة و سليمة، كما أن على الإعلام أن يعمل بدوره لتوعية الشباب من مخاطر التعاطي و توعيته لقبول الآخر".
وبعد مشواره الطويل مع العلاج يحدثنا الشاب عن حياته  الجديدة  فيقول " اليوم بعد أن عدت إلى نفسي، أنصح الجميع لا تدعوا ذلك السم يقتلكم مهما بلغت مشاكلكم فهي صغيرة أمام ما مررت به خلال تلك الفترة، فالمثل يقول أسأل مجرب ولا تسأل حكيم"

جداول إحصائية

مشكلة تعاطي المخدرات، من أخطر مشاكل العالم المعاصر، وأسبابها متنوعة، و أثارها مدمرة تهدد الملايين من شباب العالم ، وتتطلب مشاركة وتدخل الجميع لمحاربتها، بوضع برامج خاصة، ومخططات بإمكانها أن تساعد على إعادة إدماج المدمنين، لتحويلهم الى مواطنين صالحين، مع بذل الجهود لمنع انخراط شباب جدد في عالم المتعاطين للمخدرات، فالأمم تتقدم وتزدهر سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، ورياضياً ... الخ ، بقوة وصحة وسلامة شبابها.

 

 

 مركز الاعلام الالكتروني_ربا شلهوب

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=19353