الإعلام تايم: بدأت القوات السورية هجومها في اللحظة نفسها التى بدأت فيها القوات المسلحة المصرية الهجوم طبقا للاتفاق بين القيادة العسكرية في البلدين، وعبرت 100 طائرة سورية على ارتفاع منخفض للغاية خط وقف إطلاق النار، وفتح نحو ألف مدفع النيران على المواقع الإسرائيلية في هضبة الجولان، ثم اندفعت الموجات الأولى من الدبابات وناقلات الجنود المدرعة نحو "خط آلون"، وهو خط الدفاع الإسرائيلي في الجولان الذي يماثل خط برليف على الجبهة المصرية، ويمتد خط آلون على طول الجبهة السورية (نحو 70 كم). وتحت حماية رمي المدفعية الكثيف والمركز، والذي استمر حوالي 90 دقيقة، من مجدل شمس شمالاً، حتى وادي اليرموك جنوباً صاحبت البلدوزرات والدبابات حاملة الجسور الموجة الأولى من الدبابات المهاجمة، حتى تردم الخندق العريض المضاد للدبابات، وتقيم عليه المعابر في إجراء مماثل لعملية إنشاء المعابر على قناة السويس على الجبهة المصرية. وفي حوالي الساعة 15.00، استطاعت الدبابات وناقلات الجنود السورية اجتياز الخندق، في نقطتَي اختراق رئيسيتين: الأولى كانت عند مدينة القنيطرة، والثانية عند بلدة الرفيد، وفي الوقت نفسه بدأت أربع طائرات هليكوبتر في عمليات إبرار جوي على قمة جبل الشيخ، على ارتفاع 2814 متراً، حيث هاجمت القوات حامية المرصد الإسرائيلي، البالغ عدد أفرادها 55 جندياً، وقد تم الاستيلاء على المرصد بعد نصف ساعة من القتال العنيف لم ينج منه سوى 11 جندياً إسرائيلياً استطاعوا الفرار من الموقع.وقد حاول لواء إسرائيلي استرداد المرصد بهجوم مضاد، إلا أن وحدات المشاة المغربية، المرابطة عند سفوح جبل الشيخ، استطاعت أن تصد الهجوم، وتقتل 22 جندياً إسرائيلياً، وتصيب 50 آخرين بجراح. وقد تمكنت القوات السورية من اختراق خط الدفاع الإسرائيلي إلى عمق نحو 20 كم داخل الهضبة، حتى أصبحت على مشارف بحيرة طبرية.وبحلول مساء اليوم الثاني للقتال (7 أكتوبر) كانت القيادة الإسرائيلية قد استكملت تعبئة وحدات الاحتياطي وإرسالها إلى هضبة الجولان. ومع تركيز القوات الإسرائيلية على الجبهة السورية ولأن الجبهة السورية، التي تدفقت منها الدبابات، كانت تمثل الخطر المباشر والأقرب على القسم الشمالي من إسرائيل، فقد أمرت القيادة الإسرائيلية سلاح الجو أن تنقل مركز ثقلها وضغطها إلى هذه الجبهة، بدءاً من اليوم الثاني للقتال. واستمر الطيران الإسرائيلي في هجومه المركز على المدرعات والقوات السورية، في خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحرب، على الرغم من فداحة الخسائر التي تحملها، نتيجة لقوة الدفاع الجوي السوري.
وقد أدى اشتراك سلاح الجو الإسرائيلي في القتال إلى تدمير عدد كبير من المدرعات السورية، وهو ما ساعد القوات البرية الإسرائيلية على صد الهجوم السوري، ثم الانتقال إلى الهجوم المضاد. وصباح يوم 8 أكتوبر قررت القيادة الإسرائيلية شن هجوم مضاد في القطاع الجنوبي وتقدمت القوات الإسرائيلية في منطقة "العال" متجهة شمالاً، حتى بلغت خط الجوخدار ـ الرفيد. وعلى المحور الأوسط، تقدمت القوات الإسرائيلية حتى أوشكت أن تغلق الطرف الشمالي للكماشة المطبقة على الخشنية، التي جرت حولها معارك عنيفة، حتى اضطرت القوات السورية إلى الانسحاب من الخشنية يوم 10 أكتوبر خشية تعرضها لعملية التفاف.
ويوم 11 أكتوبر بدأ الهجوم الإسرائيلي المضاد، وتركز في القطاع الشمالي من الجبهة، فاتجه رتل نحو مزرعة "بيت جن"، في حين اتجه رتل آخر على الطريق الرئيسي: القنيطرة ـ خان أرنبة ـ سعسع. وفي اليوم التالي استولت القوات الإسرائيلية على مزرعة بيت جن، وفي أثناء الهجوم المضاد الإسرائيلي وصل اللواء المدرع 12 العراقي، التابع للفرقة المدرعة الثالثة إلى الجبهة السورية ليلة 10-11 أكتوبر وتمركز في الصنمين، على بعد 50 كم جنوبي دمشق. ثم تتالى وصول القوات العراقية.
وبعد تجمد الموقف بدأت القوات السورية بمعاونة القوات العراقية والأردنية في التحضير لشن هجوم مضاد شامل، وكانت القيادة العسكرية السورية قد خططت للقيام بهذا الهجوم، والبدء به في أسرع وقت ممكن، لمنع العدو من تحصين وضعه الدفاعي، ولتخفيف الضغط على الجبهة المصرية، بعد نجاح اختراق القوات الإسرائيلية في ثغرة الدفرسوار.
ولم تكد الحـرب تنتهي حتى استؤنفت الأعمال القتاليـة بشكل محدود ثم تطورت تلك الأعمال حتى اتخذت بدءاً من 13 مارس 1974، شكل "حرب استنزاف" جديدة استمرت ثمانين يوماً وكانت تهدف إلى كسر حالة الجمود الناجمة عن الموقف الأمريكي ـ الإسرائيلي تجاه الوضع في الجولان. حرب تشرين بانتصاراتها التي صنعت ثورة حقيقية من الذات العربية على نفسها وعلى الواقع العربي، وكسرت جدار اليأس وأحيت الأمل واستعادت الكرامة التي كادت أن تستباح تحل هذا العام لتكون مناسبة تضيء، حقيقة يغفلها بعض العرب وحكامهم بأن سورية لا تزال تدفع عن كاهل الأمة العربية فاتورة التضحيات التي لم تبخل بها يوما دفاعا عن الحقوق والكرامة في وجه آلة الحرب الإسرائيلية المدعومة من الغرب المتصهين. واليوم تتضاعف تضحيات الشعب السوري وجيشه في مواجهة التآمر العربي والفكر الوهابي الارهابي حليف الصهيونية وشريكها في الأطماع والأحقاد على الشعوب العربية، هذا الفكر الذي حاول عبر عقود إلهاء الجيوش العربية وحرف بوصلتها عن العدو الحقيقي واستنزاف طاقات الشعب العربي، وبناه التحتية باستخدام الفتاوى والتحريض بدعم من الصهيونية تحت مسميات الثورة أو الربيع العربي الذي لم يجلب إلى العرب سوى الويلات والدمار. والجيش العربي السوري الذي خبر مقارعة الإرهاب دفاعا عن الوطن وكرامة أبنائه، والشعب الذي أذهل العالم بصموده وحبه لوطنه، قادر على صنع انتصارات جديدة وعلى استحضار نصر تشرين من جديد، وإفشال كل المخططات الرامية إلى تكريس العدو الصهيوني قوة مهيمنة على المنطقة. |
||||||||
|