اقتصاد وأسواق

بعد توقف 19 شركة عن العمل ...الصناعة: من الضروري التوافق على برنامج عمل وطني واقعي وتشاركي


يعتبر القطاع العام الصناعي من أهم القطاعات الاقتصادية المنتجة في الاقتصاد السوري الذي ساهم خلال السنوات الماضية في الناتج المحلي الإجمالي و في تغذية السوق المحلية بالسلع وفي تشغيل الأيدي العاملة، و تعددت قطاعاته الصناعية من هندسية ونسيجية وغذائية وكيميائية وتبغ واسمنت ولديه نحو ثماني مؤسسات ونحو 93 شركة شهدت في الفترة تواجدا كبيرا في السوق المحلية وحتى الخارجية وأسهمت في تنمية الاقتصاد الوطني .‏
واليوم وهو يقف على أعتاب مرحلة جديدة في غاية الصعوبة و التعقيد تتفاعل فيها متغيرات ومستجدات عربية وإقليمية ودولية تتجلى أولا بالأزمة التي يعيشه القطر وما نتج عنها من خراب لحق بالقطاع الصناعي حيث توقفت نحو 19 شركة من شركاته جراء الأفعال الإجرامية للعصابات المسلحة بالإضافة الى حجم الإضرار الكبيرة المباشرة وغير المباشرة والتي تصل إلى مليارات الليرات إضافة إلى الانفتاح وتحرير الاستيراد وتقليص الحماية والدعم والبدء بالتحول الاقتصادي من جهة، والأزمة الحالية والصراع العالمي الذي تشهده سورية حالياً الأمر الذي انعكس سلباً وبشدة على أداء هذا القطاع من جهة ثانية .‏
وترى وزارة الصناعة في تقرير لها عن واقع القطاع العام الصناعي انه في ظل هذه المتغيرات و تفاقم الضغوط التنافسية على منتجات القطاع العام داخلياً و في الأسواق التصديرية فانه من الضروري التوافق على برنامج عمل وطني واضح وواقعي ومحدد لا يقبل التأويل يكون مسؤولية تشاركية بين جميع الأطراف تؤدي للنهوض بهذا القطاع ليلعب الدور المأمول منه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، باعتباره فرصة مهمة للاستثمار مقارنةً بقطاعات اقتصادية أخرى، كون قطاع الصناعة يتصف بالاستقرار مقارنةً بقطاع الزراعة الذي يتأثر بالتقلبات المناخية، و أيضاً من جهة قدرته على توليد القيمة المضافة العالية.‏ 
وأكدت الوزارة أن وجود القطاع العام ضمن أي اقتصاد وطني أمر لا يمكن تجنبه، والاستثمارات الحكومية المباشرة لا يمكن الاستغناء عنها، والدليل على ذلك أن القطاع العام مازال حتى اليوم موجوداً في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان و الدول الاسكندينافية ومختلف دول أوروبا وجميع البلدان النامية، ولا يوجد دولة واحدة على وجه الأرض لا يوجد فيها قطاع عام(حكومي) يساهم بإنتاج السلع وتقديم الخدمات، ويساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسب لا بأس بها.‏
وأشارت إلى إن أدوار القطاع العام تنبع من عدة عوامل موضوعية ترتبط بالحاجة للاستثمارات الكبيرة التي يعجز عنها القطاع الخاص أو التي لا يرغب بها، والاستثمار في تنمية المرافق العامة و البنى التحتية اللازمة للاقتصاد الوطني، والاستثمار في المناطق النائية لتعزيز التنمية الإقليمية والاستثمار لتعزيز دور الدولة في المجتمع، والاستثمار لمنع الاحتكار، والاستثمار في مشاريع ذات طابع اجتماعي وما شابهها، كل ذلك يوضح أن خصخصة بعض الشركات لا ينفي استمرار شركات حكومية أخرى في العمل وقيام شركات جديدة.‏
وبينت أهمية هذا القطاع برزت في ظل الأزمة الراهنة التي يمر بها بلدنا الحبيب في تأمين الصناعات الإستراتيجية و الأساسية التي لعبت دوراً كبيراً في تحقيق التوازن في السوق السوري ما بين العرض و الطلب من جهة و تأمين بدائل المستوردات من جهة ثانية.‏
وترى انه لا بد في سبيل إصلاح القطاع العام من البحث عن نظام إداري جديد للقطاع العام يرفع من قدرته الإنتاجية والتنافسية ويرفع من عائديته، ويخلصه من شوائبه، ويحوّله إلى قطاع يساهم في تعظيم الثروة الوطنية بدلاً من وضعه الحالي،‏
وانطلاقاً من هذه الضرورة نعتقد أن نجاح أو فشل أي عملية لإعادة هيكلة القطاع العام هما نتيجة لعاملين رئيسين أولهما الإرادة السياسية، وثانيهما الإدارة الكفوءة،ومن ثم التشريع الناظم والتمويل اللازم(الموارد).‏
وبينت الوزارة انه من المفيد وضع إطار عام استراتيجي عن منهجية عملية الإصلاح ورؤية توافقية تعتمدها كافة الجهات المعنية بهذا القطاع تعمل وفق خيارين الأول البدء بتقييم أداء الشركات الصناعية فيها بحسب أوضاعها الاقتصادية، طبقاً لمعايير تقييم أدائها والبيانات المستخلصة من دراسة المؤشرات الخاصة بهذه الشركات‏
والثاني توحيد الإطار القانوني الناظم لعمل كافة الشركات الصناعية في البلد وذلك بهدف توفير بيئة مناسبة للمنافسة ما بين الشركات المنتجة العامة والخاصة ،فمن وجهة نظرنا - تقول الوزارة -لا يمكن أن نخلق هذه البيئة ما دامت شركتان تنتجان ذات المنتج ولكن تعملان بقوانين وتشريعات مختلفة،وهنا نرى من الضروري تحويل الشكل القانوني للشركات مع المؤسسات (في حال تم الاحتفاظ بالمؤسسات ) إلى شركات مساهمة عامة تمتلكها الدولة 100% وتعمل وفق قانوني التجارة والشركات وهذا يتزامن مع وضع آلية للمتابعة والمراقبة أسوة بالشركة السورية للاتصالات .‏
وكذلك لابد من انتقاء الأنشطة الصناعية الاستراتيجية التي ستستمر بها الدولة والتي ستؤسسها من جديد والتخلي التدريجي عن الأنشطة الصناعية التحويلية ذات القيم المضافة المتدنية إن تحققت،والاستفادة من القيمة السوقية لمواقع الشركات الصناعية المتعثرة أو المتوقفة في تأسيس مشاريع جديدة حكومية 100%  في حال توفر الامكانيات المادية والفنية) أو بالمشاركة مع القطاع الخاص الذي يملك هذه المقومات خارج المخططات التنظيمية للمدن (ضمن المناطق الصناعية) تنسجم والسياسة الصناعية الموضوعة في كل قطاع .‏
ولابد أيضا من تخفيف الأعباء الاجتماعية الملقاة على عاتق هذا القطاع، وتمويل ذلك من موازنة الدولة بدلاً من تحميلها على تكلفة المنتجات الصناعية، حتى يعمل على أساس الحساب الاقتصادي، وفقاً لمعايير الربح والخسارة، ويمكن أن يكون الحل بتطبيق جزء من شبكة الضمان الاجتماعي المتعلقة بضمان البطالة وتحويل هذا الفائض من العمالة إلى صندوق يحدث في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل يعنى بصرف رواتب فائض العمالة ريثما يتم تأهيلها للاستفادة منها في قطاعات عمل أخرى، والأمر لا يزيد أعباء مالية على خزينة الدولة، وإنما سيتم تحويل رواتب هذه العمالة من الشركة التي يتبعون لها إلى صندوق لضمان البطالة في وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل.‏
ومن جانب آخر لابد من دعم قيام نظام للدعم الصناعي يرتبط بالجامعات ومؤسسات البحث والتطوير والتدريب والخدمات المالية والإدارية وخدمات المعلومات والاتصالات و الخدمات اللوجستية، مثل تأمين المستودعات والنقل والشحن والتخليص الجمركي، وعلى الدولة مع وجود نظام الدعم أن تقوم بتشجيع ودعم وتطوير هذا النظام.‏
ولفتت الوزارة الى انها وضعت خطة عمل خلال هذه المرحلة تعتمد على تطوير قطاع الصناعة التحويلية في المرحلة القادمة بصورة مستدامة، والذي يساهم بجوالي /10 - 12/% من الناتج المحلي الإجمالي للقطاعين العام و الخاص بما يحقق رفع مستويات الاستثمار والتشغيل والناتج بصورة متوازية بين مكونات القطاع الصناعي عام/ خاص من خلال تعزيز دور القطاع العام الصناعي وتكثيف الجهود لضمان الحفاظ على البنية التحتية والموارد المادية والبشرية واستمرار العملية الإنتاجية خاصة في القطاعات الإستراتيجية بما يحقق استغلال أمثل للموارد المتاحة والتوجه نحو دعم القطاع الخاص بشكل مباشر وغير مباشر والتركيز على قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة كشبكة أمان اجتماعي وبما يساهم في تخفيض كلف الإنتاج وضمان حسن سير العملية الإنتاجية فيها.‏
وأوضحت الوزارة أنها نفذت العديد من الإجراءات الحكومية منها المتابعة في إجراءات إعادة هيكلة القطاع العام الصناعي والبدء ببرنامج إعادة هيكلة وزارة الصناعة ومتابعة إجراءات تنفيذ مصفوفة تعظيم القيم المضافة المحققة من قطاع النسيج. ومتابعة إجراءات تنفيذ مصفوفة تعظيم القيم المضافة المحققة من تصنيع مادة الشوندر السكري والبدء ببناء قاعدة بيانات القطاع الصناعي وربطها مع مديرية الصناعة في دمشق وريفها.‏
كما تم البدء بتنفيذ مشروع سكيلز في قطاع التشييد والبناء مع مركز الأعمال والمؤسسات السوري وتفعيل قانون حماية الصناعة الناشئة و البدء بإيجاد آلية لربط البحث العلمي بالصناعة بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والهيئات العلمية البحثية الأخرى (تفعيل مركز الاختبارات والأبحاث الصناعية) واختيار منطقة صناعية من ضمن المناطق الصناعية النوعية التي تم اعتمادها مع هيئة التخطيط الإقليمي لتكون تجمع عنقودي للصناعة النسيجية في محافظتي دمشق وحلب.‏

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=8&id=1312