الحدث السياسي

الأب زحلاوي: الإرهاب يذبح البنيان الاجتماعي.. وكنائس الغرب تخون الشرق


الإعلام تايم - نسرين ترك

عندما يُطْبق الإرهاب على المدن، تخلو البيوت من أصحابها، تُصلب الكنائس و تُحرق المساجد , هو واقع مايحصل اليوم في الشرق من ذبح للبنيان الإجتماعي و إرهاب تكفيري و استهداف للأقليات و دفعهم للهجرة, لإفراغ الشرق من مسيحييه، مستقبل الأقليات بالشرق في عيون الأب الياس زحلاوي..


أكّد الأب الياس زحلاوي في حديث معه أن مايحدث اليوم في العراق و سورية هو جزء من تنفيذ مخطط قديم، فالموضوع ليس موضوع مسيحيين فقط، المخطط يشمل العالم العربي، و العالم الإسلامي كله يجب أن يفتت و يتلاشى، لكي تظل "إسرائيل" هي القوة الوحيدة في المنطقة. و تمنى الأب زحلاوي على كنائس الغرب أن ترفع صوتها عالياً في وجه كنائس الغرب الصامتة، فلا يجوز للإنسان أن يقف صامتاً إزاء تدمير بشرية بكاملها.
و يُفترض بكنائس الشرق كلها أن تقول بكل وضوح للغرب، لا تدّعي حمايتنا فحمايتنا الوحيدة هي من الرب و من الشعوب العربية و الإسلامية، لكي نضع النقاط على الحروف. فالدنيا كلها وقفت ضد سورية، لكن سورية استطاعت بقدرة الله ،و بقدرة قيادتها و شعبها و جيشها أن تقف، بثمن غالِ جداً و لكنها وقفت. متمنياً من جميع العرب و المسلمين أن يتعلموا من سورية كيف يقفون في وجه هذا المدّ اللاإنساني الهمجي.

و يرى الأب زحلاوي أنّ كنائس الغرب باتت تخون رسالتها و شعبها و العالم كله، و تخون مسيحيي الشرق.  و أنه إذا كان هناك من يريد أن يتذرع باستقبال المسيحيين، فهو لا يريد أن يستقبل المسيحيين، يريد فقط أن أن يرضي إسرائيل بإفراغ المنطقة من فئة من الناس تسمى المسيحيين لا أكثر و لا أقل. 

وما تفعله داعش اليوم هو ما يريده الغرب، فالغرب هو الذي خلقه و موله و دعمه بكل الوسائل و لايزالون حتى اليوم يدعمونه، و الغرب سيستيقظ عندما يرى بعض أفعال داعش فيه، و عندها سيدرك خطورة ما فعل، فالتاريخ لا يرحم.

في التفاصيل يقول الأب زحلاوي ..

ما هي رؤيتك لواقع المنطقة اليوم و استهداف الأقليات في الشرق ،و ما يحصل اليوم من تهجير و إرهاب بحق مسيحي الشرق بشكل عام ؟

أودُّ أن أشير إلى ما كان مخططاً له منذ أكثر من مئة عام، إسرائيل وجدت لتبقى و استمرارها لا يمكن أن يحدث إلّا إذا خلقت شروخاً في المجتمعات العربية و الإسلامية، لنعد إلى إتفاقية "سايكس بيكو" كيف قسّموا المنطقة و خلقوا دويلات و أنشأوها على أساس طائفي ، و جاء الإنتداب البريطاني لكي يمهد لنشوء دولة إسمها "إسرائيل". و هذا ما رأيناه و نراه كل يوم، فقد قطّعوا أوصال سورية و خلقوا دويلات بنوها على أساس طائفي. و ما يحدث اليوم هو جزء من تنفيذ هذا المخطط القديم القديم فالموضوع ليس موضوع مسيحيين فقط، المخطط يشمل العالم العربي كله، و العالم الإسلامي كله يجب أن يفتت و يتلاشى كمجتمع و كدول يجب أن لا تقوم له قائمة ، لكي تظل إسرائيل هي القوة الوحيدة في المنطقة، و لكي تستطيع إسرائيل أن تتفرد بكل ما فيه من خيرات لصالحها وحدها، و على الباقين أن يموتوا.

 ماهي أبعاد التهجير و الانتهاكات بحق مسيحيي العراق، هي المرة الأولى في التاريخ  التي لم يبقى فيها مسيحي في الموصل و في سهل نينوى ؟

ما يجري في العراق اليوم جزء من المخطط، و ما حاولوا أن ينفذوه في في سورية منذ ثلاث سنوات و نصف ليس سوى تطبيق لهذا المخطط القديم القديم. وهذا المخطط يجب أن يفتح عقولنا قبل عيوننا لإننا في المنطقة مستهدفون مسلمون و مسيحييون .

ما الدور الذي تلعبه الدول العربية اليوم من قضية اضطهاد الأقليات و تهجيرهم ؟

أملي أنا كعربي أن تتعلم الدول العربية الأخرى التي مشت مع إسرائيل كما يمشي العبد مع سيده، أن تتعلم من وقفة سورية و ما يترتب عليها كلها من وقفة تستعيد بها كرامتها و تعيد لشعوبها ما يحق لهم من كرامة و سيادة . و يضيف الأب زحلاوي : يؤلمني أن أراهم يهرولون يوم كانت سورية في حالة تضييق من العالم كله، كانت الجامعة العربية لم تكن تعرف كيف تعقد اجتماعاتها ليلاً و نهاراً، غزّة اليوم تدمّر .. أين الجامعة العربية ؟! .. أساساً الجامعة العربية وجدت لتكون مصيدة للعالم العربي كله.

لاحظنا التزامن بين تهجير مسيحيي العراق و فتح باب الهجرة الأوروبية.. ما هي خلفية هذا التزامن؟

هذا التزامن مرتجل فالمخطط قديم، و لكني أنا ككاهن مسيحي عربي أتسأل ما هو مصير المسيحية في الغرب، ماذا تبقى من المسيحية في الغرب..؟ كنائس الغرب في نظري باتت تخون رسالتها، شعبها ، العالم كله و تخون مسيحيي الشرق . و إذا كان هناك من يريد أن يتذرع باستقبال المسيحيين، هو لا يريد أن يستقبل المسيحيين، يريد فقط أن أن يرضي إسرائيل بإفراغ المنطقة من فئة من الناس تسمى المسيحيين لا أكثر و لا أقل، لكي يذيبوهم في المجتمعات الغربية فلا يعطونهم شيء ، و يتركونهم شاردين في المجتمعات الغربية. هم يسرقون منّا زبدة أدمغتنا و ما تبقى من الناس يدّعون رعايتهم و لكنهم عندما يصلون إلى الغرب يتركونهم ..

 دور الغرب من تفريغ المسيحيين من الشرق؟

الغرب وحش تعوّد أن يفترس العالم منذ عام 500 عام و أكثر و لا يدرك مايفعل بالناس، ينظم سياسة عالمية يفترس بها العالم، و لكن جاء اليوم من يفترسه هو "الصهيونية"، تفترس الغرب و تسخّر الغرب لإفتراس الشعوب التي تناوء الصهيونية ، هذا مايريدونه من إفراغ المنطقة من المسيحيين .

ما المطلوب من كنائس الشرق اليوم؟

يُفترض بكنائس الشرق كلها أن ترفع صوتها عالياً لتقول للغرب "حلّ عنّا" ، لا تدّعي حمايتنا فحمايتنا الوحيدة هي من الرب و من الشعوب العربية و الإسلامية . و أن تقول ذلك بكل وضوح و بدون مواربة، لكي نضع النقاط على الحروف و ليكن مايكون... الله معنا . وقفت الدنيا كلها ضد سورية ، لكن سورية استطاعت بقدرة الله ،و بقدرة قيادتها و شعبها و جيشها أن تقف، وقفت بثمن غالِ جداً و لكنها وقفت. و يؤكد الأب زحلاوي: أتمنى من جميع العرب و المسلمين أن يتعلموا من سورية كيف يقفون في وجه هذا المدّ اللاإنساني الهمجي.

كيف ترى مستقبل الوجود المسيحي كأقلية في المنطقة؟

ليست لنا مشكلة مع المسلمين، لاسيما الإسلام الشامي هو إسلام ذكي ، منفتح، متسامح، استطاع أن يبني حضارة كبيرة و تعاون فيها المسيحيون معه .. مالذي يريدونه اليوم، تدمير الإسلام؟ يريدون تدمير جميع المجتمعات الإسلامية و العربية و إعادتها إلى طور ماقبل الإسلام ، كما نشهد اليوم . يوم أتى المسلمون فاتحين إلى دمشق عام 636م لم يذبحوا الناس بل تفاهموا و تعاونوا مع الناس، و يوم ذهبوا إلى القدس أتى عمر بن الخطاب و تفاهم مع البطريرك و فتحوا المدينة و تعاونوا مع الناس، و يوم ذهبوا إلى مصر فعلوا الأمر نفسه، كذلك عندما ذهبوا إلى الأندلس عام 711م فعلوا الأمر نفسه، حتى إن المؤرخين اليهود يكتبون عن تلك الفترة التي حكم فيها المسلمون إسبانيا في الأندلس منذ عام 711م حتى 1492م ، أنها كانت العصر الذهبي للمجتمعات اليهودية كلها حيث كان يتعايش المسلم و المسيحي و اليهودي.

ماهي أبعاد وجود "داعش" في المنطقة كتنظيم تكفيري متشدد؟

ما تفعله داعش اليوم هو ما يريده الغرب، فالغرب هو الذي خلقه و موله و دعمه بكل الوسائل و لايزالون حتى اليوم يدعمونه، على الرغم من كل قرارات هيئة الأمم ، و " هيئة الأمم" أساساً هي طرطور بيد الصهيونية لا أكثر و لا أقل. و يضيف الأب زحلاوي: أنا لا أتمنى أن للغرب أن يصل داعش إليه، لكنه سيصل حتماً، وعندها سيستيقظ الغرب عندما يرى بعض أفعال داعش فيه، و سيدرك خطورة ما فعل، أنا لا أتمنى أن يذوقوا ما ذقناه، لكن التاريخ لا يرحم.

اليوم ماهو موقف كنيسة الغرب في ظل الإنتهاكات بحق الإنسانية عامة و تطورات إعادة تشكيل المنطقة ؟

أتمنى من كنائس الغرب أيضاً أن ترفع صوتها عالياً في وجه كنائس الغرب الصامتة، فلا يجوز للإنسان أن يقف صامتاً إزاء تدمير بشرية بكاملها، مجتمعات بكاملها، تشريد الناس، حرمانهم من كل مبررات الوجود و الكرامة.. لا يجوز. يسوع كان دائماً مع الفقير، مع المظلوم ... ما الذي تفعله كنيسة الغرب اليوم بصمتها ..؟! هي تتواطئ .

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=1&id=11902