نافذة على الصحافة

معتوهو رمضان وديانة المجانين


لن نتحدّث عن الأضرار الصحية وكوارث هذا الشهر الفضيل على الجسد والعقل. لن نتحدّث عن الآثار المدمّرة لصوم رمضان الذي حط رحاله في تموّز، في طقس حار، وكهرباء غائبة، وأجواء ملوّثة من القتل والفتاوى " الخرنقعية "!! المسألة حرية اختيار. وكل شخص حر في ما يعتقد وما يرتبه عليه ذلك الاعتقاد، مهما بدا لنظرنا تافهاً وغبياً وسمجاً.
قديماً، قبل افتتاح "عصفورية " الربيع الاخواني، كنّا نتحمّل رمضان على مضض، لأن محطات التلفزيون العربية كانت تكبّ علينا ما خزّنت في جعابها على مدى عام، فكنّا نقضي أوقاتنا في مقارنة غير ظالمة بين يسرا الجميلة ومي عز الدين المنطلقة كصاروخ إلى سماء النجوم! كان أداء ليلى علوي الرائع في " العائلة " يساعدنا في نسيان بشاعة المنقبات في شوارع دمشق في عز الحرّ! مع ذلك، كان السؤال الذي يلحّ على مخيلتي ليل نهار: هل يعقل أن تعيش نساء في جهنم حقيقية من أجل جنّة لا توجد إلا في مخيلة المجانين؟ هل يعقل أن ترتدي نساء ثياباً سوداء تلفّهن من رؤوسهن لأقدامهن في حرارة تصل إلى الخمسين من أجل نعيم وعدهن به أحد المعتوهين في غفلة من العقل والمعرفة؟
اليوم صار رمضان أثقل على قلوبنا من جبال الهيمالايا. وزاد الحمل ثقلاً محطات التلفزيون العربية:
التلفزيون السوري العبقري: معتوه معمم يحدّثنا بكلام ممل يبعث على الإسهال والإقياء في آن عن بني إسرائيل وفرعون موسى حتى آخر حكايا الجن وسخافات ألف ليلة وليلة!
تلفزيون الميادين غير الطائفي وغير المتشيع: خطاب لزهران علوش في مجموعة من الصبية والمجانين حول الحرب مع "داعش" وكيف أن من يموت على يد داعش له أجر شهيدين!! ( على حد علمي، جبريل عاطل عن العمل منذ القرن السابع، ولم أسمع عن إعادة تفعيل دوره بسبب زهران علوش )!
تلفزيون العربية الوهابي: هجوم طائفي ولا أحقر على طائفية المالكي ( لا أدري لماذا ينسون ملك الطائفية الشيعية، إبراهيم الجعفري!! الذي كان يعوي من على محطات التطرّف الإثني عشري وخلفه رايات، يا ثارات الحسين!! وكان وقتها رئيس وزراء كلّ العراق! )؛ لكن تلفزيون القتلة والمعتوهين هذا يقع في شرّ أعماله وتناقضاته حين يحار ما الذي سيقوله حيال ما يعتبره تطرّف شيعي عراقي والعهر السنّي الأهطل القادم على رايات "داعش" و"النصرة"، الولدين الشرعيين للوهابية المجرمة.
تلفزيون الجزيرة الأخواني: إذا كانت محطة العربية حطب الفتنة، فالجزيرة ولاعتها. " دولة " موزة ضائعة اليوم بين الهجوم على رئيس مصر الجديد، أو التبشير بسقوط النظام السوري ( منذ 3 سنوات و 3 أشهر و17 يوماً )، أو الهجوم على "داعش"، أو التنديد بالطائفية الشيعية ورمزها المالكي، أو الدفاع عن يوسف القرضاوي – أسوأ أنواع القوارض – الذي يُنشر عرضه في الأزهر.

تلفزيونات لبنان: لا هم لها غير الحديث عن الصراع على كرسي الرئاسة، في حين تهدد الجماعة الوهابية في بعل بك بإنهاء الوجود المسيحي في البقاع. هكذا حال المسيحيين دائماً، منذ سقوط بيزنطة العظيمة بأيدي الأتراك القادمين من أرض التتار.
تلفزيون البي بي سي: ينقل باستهزاء خبيث كل أنواع التكفير التي انتشرت في أصقاع العالم العربي من البحرين إلى المغرب.
أهم ما في تراكم الحوادث في الشرق العربي- الإسلامي أنه أظهر صحة كلامنا الدائم من أن الإسلام والعقل خطان متوازيان لا يلتقيان أبداً...
نبيل فياض
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=10198