أدانت سورية استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للفوسفور الأبيض المحرم دولياً في اعتداءاتها المتكررة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة ولبنان، داعية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق باستخدام “إسرائيل” لهذه الأسلحة.
وأكد القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور الحكم دندي في بيان أمام “الدورة الرابعة لمؤتمر إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط” أن سورية تجدد دعوتها للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها، واتخاذ كل الإجراءات للكشف عن البرنامج العسكري النووي السري الإسرائيلي الذي يشكل تهديداً دائماً للسلام والأمن الدوليين وإخضاعه لنظام الضمانات الشاملة وأنظمة الرقابة على المنشآت والبرامج النووية في الوكالة.
وقال دندي: لقد عانت منطقتنا ومنذ عقود طويلة من حالة عدم الاستقرار جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وانتهاكات سلطات الاحتلال المستمرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وارتكابها لشتى الجرائم وأحدثها جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتواصلة منذ نحو 40 يوماً ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأضاف دندي: لقد زاد امتلاك إسرائيل لترسانات هائلة من أسلحة الدمار الشامل النووية والكيميائية والبيولوجية بدعم من حلفائها في الولايات المتحدة ودول غربية أخرى من التهديد الخطير للسلم والأمن الإقليميين والدوليين، لافتاً إلى أن تهديد أحد الوزراء في حكومة الاحتلال في الخامس من الشهر الجاري بإلقاء قنبلة ذرية على أبناء غزة يشكل دليلاً جديداً على امتلاك هذا الكيان للأسلحة النووية، ويؤكد ما نبهت إليه سورية مراراً حول خطورة امتلاك كيان الاحتلال الإسرائيلي لتلك الأسلحة وجسامة التهديد الذي تمثله على أمن واستقرار المنطقة.
وتابع دندي: تجدد سورية دعوتها للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها واتخاذ كل الإجراءات للكشف عن البرنامج النووي الإسرائيلي وإخضاعه لنظام الضمانات الشاملة وأنظمة الرقابة على المنشآت والبرامج النووية في الوكالة، وتدين استخدام قوات الاحتلال للفوسفور الأبيض المحرم دولياً في اعتداءاتها المتكررة ضد المدنيين في قطاع غزة ولبنان، وتدعو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق باستخدام إسرائيل لهذه الأسلحة.
وأكد دندي أن مظلة الحماية التي توفرها بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة ساهمت في انفراد “إسرائيل” في منطقة الشرق الأوسط بحيازة أسلحة الدمار الشامل وتطويرها ورفضها إخضاع منشآتها النووية للرقابة الدولية إلى جانب دعم تلك الدول لتطوير البرامج الإسرائيلية العسكرية النووية والبيولوجية والكيميائية، والمساهمة في تزويدها بالتقنيات والمعدات اللازمة في انتهاك واضح لأحكام المادة الأولى من معاهدة عدم الانتشار، وذلك للإبقاء على كيان الاحتلال كقاعدة ومنطلق لمشاريع الهيمنة والاستعمار، وأداة لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار.
وشدد دندي على أن ما تشهده المنطقة اليوم يستوجب دعم المجتمع الدولي للعمل الجاري لإنشاء منطقة خالية في الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكل أسلحة الدمار الشامل الأخرى، وذلك من خلال التنفيذ العملي لقرار الشرق الأوسط لعام 1995 الذي يعد جزءاً رئيسياً من الصفقة التي تم على أساسها التمديد اللانهائي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وركيزة أساسية في دعم نظام عدم الانتشار على المستوى الإقليمي، ومقرر الجمعية العامة رقم 73/546 لعام 2018 باعتباره مساراً موازياً لتنفيذ قرار العام 1995، واعتبر دندي أن التقدم الذي يحققه المؤتمر يدل على الجهود الصادقة والجدية التي تقوم بها الدول المشاركة فيه، ويكشف في المقابل عن استهتار “إسرائيل” والولايات المتحدة بالإرادة الدولية على نحو يعكس نهجهما الرامي لإفشال جهود إنشاء هذه المنطقة.
ولفت دندي إلى أن سورية كانت من أوائل الدول التي انضمت إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ووقعت اتفاق ضمانات شاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما وقعت على اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية وانضمت إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية، وأوفت بالتزاماتها ذات الصلة، ما يؤكد حرصها على المضي قدماً في إجراءات جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل.
وأشار دندي إلى أن سورية تعتبر أن إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط يعد تدبيراً مهماً من تدابير نزع السلاح وتعزيز نظام عدم الانتشار وإسهاماً جدياً في صون السلم والأمن الإقليمي والدولي، وتشدد على ضرورة عدم الربط بأي شكل من الأشكال بين موضوع إنشاء المنطقة الخالية في الشرق الأوسط، وبين أي عملية أو ترتيبات أخرى في المنطقة، وتذكر مجدداً بأن أي إشارة لتحديد دول منطقة الشرق الأوسط لهذا الغرض لا يشكل بأي شكل من الأشكال تعريفاً للمنطقة.
وقال دندي: إنه على الرغم من أن منظومة عدم الانتشار قد حققت نجاحاً حول العالم من خلال إنشاء خمس مناطق خالية من الأسلحة النووية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي ووسط آسيا وجنوب شرق آسيا وجنوب المحيط الهادئ، إلا أن دول منطقتنا في الشرق الأوسط لا تزال ومنذ ما يقرب من ثلاثة عقود تطالب وتبذل الجهود لإنشاء هذه المنطقة، وبما يحقق عالمية منظومة عدم الانتشار في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن جهودها الصادقة والعملية تصطدم دائماً بجدار الحماية التي توفرها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لإسرائيل، الأمر الذي يدفعها للاستمرار بموقفها المتعنت الرافض للانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار كطرف غير حائز وإخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وختم القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بيانه بالقول: تعرب بلادي عن استعدادها للعمل بجدية وانفتاح مع جميع وفود الدول المشاركة في هذا المؤتمر، وتتطلع للتوصل إلى معاهدة ملزمة قانوناً لإنشاء المنطقة الخالية في الشرق الأوسط والتي تضمن الأمن لشعوب منطقتنا والعالم.